هل تعلم أنك تبدأ بعملية التثاؤب قبل أن تولد، وهل خطر في بالك أنك يمكن أن تصاب بعدوى التثاؤب بمجرد مشاهدتك لشخص ما وهو يتثاءب! كما أنه ليس بالضرورة أن تشاهده يكفي أن تفكر به فقط!! ومن المثير للاهتمام أنها عدوى لا شفاء منها! وهل يمكن أن تصدق أن مجرد التثاؤب قد يكون مؤشراً أو إنذاراً مبكراً لعدد من الأمراض مثل النوبات القلبية أو الفشل الكبدي.
إليك كل ما لا تعرفه عن التثاؤب، حقائق مثيرة:
-
ما هو التثاؤب؟
هو عمل أو سلوك لا إرادي حيث يقوم الشخص بفتح فمه لدرجة تكون فيها فتحة البلعوم أكبر بأربع مرات من فتحتها المعتادة وتستمر العملية من 5 إلى 10 ثوان، تغلق فيها العينين وتتقلص عضلات الوجه والرقبة وتتوقف جميع الحواس ليكون الشخص منعزلاً عن المحيط بشكل كامل أثناء عملية التثاؤب!
يؤدي التثاؤب على بساطته فوائد عديدة للجسم حيث أنه يجدد الهواء، يوسع الرئتين، يرفع مستوى الأكسجين في الدم، يزيد من فعالية المفاصل والعضلات والقلب ويمنح المتثائب موجة من النشاط.
عادة يكون معدل التثاؤب اليومي عند الشخص الطبيعي من 10 إلى 15 مرة، وهو يرتبط بصورة كبيرة بالعمر حيث يتثاءب الطفل في السنة الأولى من عمره بين 25 و 30 مرة ثم يقل المعدل مع التقدم في العمر ليصل عند الشيوخ إلى 10 مرات كحد أقصى.
ويحصل التثاؤب غالباً في الأوقات التي يقل فيها التركيز والانتباه وذلك في عدة في أوقات خلال اليوم مثل:
– الرغبة الشديدة في النوم.
– بعد الاستيقاظ مباشرة.
– عند إنجاز مهام تتكرر ولا تتنوع مما يولد شعور بالملل.
– عند الصوم أو الإسراف في الأكل.
– عند الإحساس بالحرارة أو التواجد في مكان مزدحم.
-
لماذا نتثاءب؟
يبدأ التثاؤب عادة في الأوقات التي يزيد فيها الشعور بالنعاس التعب أو الملل لكن الحقيقة لا تقف عند هذا الحد، إذ تشير الأبحاث إلى أن هذا السلوك البسيط معقد أكثر مما تتخيل!
ينقسم العلماء في تفسير التثاؤب إلى معسكرين أحدهم يقول أن التثاؤب له سبب فيزيولوجي وفوائد جسمية بينما يذهب علماء آخرين إلى أن التثاؤب أسبابه ترتبط بالنفسية وأنه يحدث بدافع التواصل بين الأفراد.
إذاً كل ما نعرفه حتى اللحظة ونستطيع الجزم به هو أن جميع البشر ومعظم الحيوانات يتثاءبون سواء لسبب أو لأخر!
وقد تعددت التفسيرات والنظريات التي حاولت تحليل وتفكيك التثاؤب وقد كانت أكثرها إقناعا وانتشاراً هي محاولة الربط بين التثاؤب والنعاس والحاجة لعملية تبريد سريعة للدماغ؛
الدماغ هو العضو الأكثر نشاطاً لذا فإن عمله يُنتج كميات فائضة من الحرارة، وكما أننا عندما نشعر بالحرارة نعمد إلى تشغيل المراوح أو أجهزة التكييف كذلك فإن أدمغتنا أيضاً تعمد لسحب كميات كبيرة من الهواء البارد عبر الأنف والفم ومن ثم نقلها بشكل مباشر للأوعية الدموية التي تحمل الدم إلى الدماغ لتقوم بتبريده وتنظيم درجة حرارة الجسم، ويلاحظ أن ارتفاع درجة حرارة الدماغ يظهر بصورة أكبر في أوقات معينة تسبق الخلود للنوم بفترة قصيرة وكذلك بعد الاستيقاظ مباشرة وهذا يفسر لماذا نقوم بالتثاؤب بكثرة قبل النوم وبعد الاستيقاظ وتستمر الحالة حتى الوصول لأول فنجان قهوة صباحي!
من الملاحظ كذلك أن التغير في الارتفاع يؤدي لحالة من التثاؤب لأن الانتقال من الضغط المرتفع إلى الضغط المنخفض يتسبب في تراكم الهواء خلف طبلة الأذن، فيلجأ الجسم بشكل سريع لعملية التثاؤب لمعادلة الضغط خلف طبلة الأذن والتخفيف من الألم والانزعاج.
ومن الحالات التي ستلاحظ معها زيادة وتكرار في معدل التثاؤب هي عند شعورك بالملل، ويفسر ذلك أنه عندما يشعر الشخص بالملل فإن تنفسه يصبح بطيئاً ولا يصل إلى العمق، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم وحاجة الجسم لكمية أكبر من الأكسجين وهو تماماً ما يؤمنه التثاؤب.
بقي أن نعرف كذلك أن التثاؤب الزائد عن المعدل الطبيعي قد يكون علامة مرضية، فهناك كثير من الأمراض التي تزيد من معدل التثاؤب مثل الأمراض العصبية المزمنة منها مرض الرُعاش والجلطات الدماغية كذلك مشكلات فص المخ الأمامي وزيادة ضغط الدماغ والصرع وغيرها من الأمراض العصبية.
كما أن بعض الأدوية قد تزيد من التثاؤب مثل بعض مضادات الاكتئاب وهرمون الإستروجين، كذلك حالات الحمى قد تزيد من التثاؤب، إضافة إلى التهاب السحايا الحاد والفشل الكلوي وفشل الكبد وتقرحات المعدة و اضطرابات الغدة الدرقية وغيرها.
يسود اعتقاد بين كثير من الباحثين أن التثاؤب هو شكل من أشكال التواصل البشري بدأ قبل أن يتمكن البشر حتى من النطق
-
هل التثاؤب معدي!!
لن تحتاج لقوة ملاحظة لتكتشف أنه عند وجودك وسط مجموعة من الأشخاص وعند قيام أحدهم بالتثاؤب ستجد نفسك مرغماً وبشكل لاشعوري على تقليده ومحاكاته وخلال دقائق ستنتقل العدوى أيضاً إلى بقية المتواجدين، هذا تحديداً هو ما نقصده بعدوى التثاؤب!
وبالرغم من أن ظاهرة التثاؤب ليست مقتصرة على الجنس البشري وإنما تمتد لتشمل عدداً من الحيوانات خاصة الفقاريات منها، إلا أن ظاهر العدوى والمحاكاة خاصة بالإنسان وحده.
يرتبط سلوك محاكاة التثاؤب لدينا بجانب إنساني بحت هو التعاطف والتفاعل، وقد برهنت تجارب على أن الشخص يكون أكثر تقليداً للتثاؤب كلما كان أقدر على التفاعل مع الاّخرين ومعرفة عواطفهم والتنبؤ بأحاسيسهم، ووجد أن معدل عدوى التثاؤب يكون مرتبطاً بالدرجة الأولى بمدى التقارب العاطفي بين الأفراد حيث وجد أن رد الفعل يكون أكبر بين أفراد الأسرة ثم الأصدقاء والمعارف مع معدل أدنى من تقليد التثاؤب عند مشاهدة الغرباء.
ومما يؤكد ارتباط المحاكاة بالعاطفة أن التجارب التي أجريت على أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية أو اضطراب التوحد أو الانفصام لا تظهر لديهم أي ردة فعل أو ميل لتقليد التثاؤب.
كذلك تشير بعض الدراسات لوجود ارتباط بين عدوى التثاؤب والعمر والتي خلصت إلى أن نسبة التثاؤب تزداد بين من تقل أعمارهم عن 25 سنة حيث وصلت النسب إلى 82%، بينما وصلت إلى 60% في الأعمار بين 25-49، و وصلت إلى 41% في من تزيد أعمارهم عن 50 عام.
التثاؤب قد يكون مؤشراً لا يُستهان به على مدى قوة الارتباط العاطفي بينك وبين أي شخص اّخر، جرب أخذها على محمل الجد!