بدأت قصة وائل كابلي ومحمد ذكر الله مؤسسا شركة كيورا في أحد الليالي الصعبة حينما رأى وائل وجه ابنته يعلوه الاحمرار والتعب.
يقول وائل: ” أسرعت وزوجتي بمكالمة الدكتور إللي نتابع معه وتفاجأنا باعتذاره وأن أقرب إمكانية هي الدخول في قائمة الانتظار صباح اليوم التالي، … في الصباح تركنا أعمالنا أنا ووالدتها وتوجهنا الى المستشفى وبعد دخولنا على الطبيب وفي اقل من خمس دقايق، تطمنا عليها وأعطانا خطوات بسيطة لرعايتها من المنزل“.
حينها شعرت بأنه من غير المعقول في وقتنا الحالي عدم وجود طريقة لاستشارة طبيب في الحالات الحرجة او السريعة التي تتطلب فقط اطمئنان سريع من الدكتور، بحثت عن الموضوع بشكل أكبر وقرأت عن مشاكل الوصول للأطباء حول العالم وحلولها المحتملة، وكذلك ضعف نسب تغطية الأطباء وقلتهم بالنسبة لعدد السكان والطلب المتزايد سنويا على الرعاية الصحية. وهنا برزت فكرة الطب الاتصالي Telemedicine كأحد الحلول القوية والتي تقوم بإيصال الخدمات الطبية عن بعد لمستفيديها. لكن واجهتني مشكلة أن الطب الاتصالي الموجود في منطقتنا العربية يقدم بطريقة بدائية أغلبها لا تتعدى كونها خدمات أسئلة وأجوبة أو تواصل داخل المستشفيات بين طبيب وطبي، ولا يواكب وقتنا الذي يسيطر عليه الخدمات الالكترونية عبر تطبيقات الهواتف الذكية.
راودتني حينها فكرة إنشاء تطبيق كيورا متميز يوفر تواصل مباشر Real-time chat وتواصل بالصوت والفيديو Voice & Video Calls بين المراجع والطبيب بجودة عالية وفي نفس الوقت تحافظ على قيم المنظومة الصحية من دقة التشخيص وخصوية وأمان التواصل. إن دراستي الجامعية كمهندس برمجيات متخرج من جامعة البترول وعملي الطويل في شركة مايكروسوفت جعلني أدرك صعوبة تطوير تطبيق مثل ذلك يحتوي على العديد من التحديات التقنية ويحتاج لعدة مبرمجين لديهم المهارة العالية والخبرة في برمجة تطبيقات ال iOS وال Android عدا عن التقنيات الكثيرة التي تحتاجها البنية التحتية لهذه التطبيقات.
كلمت حينها صديقي محمد ذكر الله الذي أعتبره من أمهر مهندسي البرمجيات اللي أعرفهم وقتها والذي كان في الأصل لديه اهتمام شديد بالشركات الناشئة ويحلم بإنشاء شركته الخاصة في يوم من الأيام ولكن الظروف قررت تأخير ذلك. يقول محمد ذكر الله:
“لا أزال أذكر مكالمة وائل الهاتفية لي عندما قام بشرح الفكرة لي، بالعادة يأتيني العديد من الناس بالعديد من الأفكار ونادرًا ما أتحمس لأي فكرة منها ولكني تحمست لهذه الفكرة خلال دقائق ولاقت استحساني المبدئي خصوصًا بعدما شعرت بوجود تحديات تقنية عديدة بها زادت رغبتي بتنفيذها.”.
في قهوة معروفة في وسط الرياض وقلب طريق الملك فهد التجاري، قمنا بعدها بعقد سلسلة من الاجتماعات لمناقشة الفكرة ومدى جودتها، وجودة نموذج العمل المقترح (proposed business model)، ومدى جاهزية السوق لها. وكلما وجهنا لها من نقد ووضع سيناريوهات إفشالها، مع ذلك لا نزال نشعر بأن الفكرة متميزة وأن احتمالية نجاحها عالية بإذن الله إن نفذت بشكل متقن متلافين مناطق الضعف أو الخطر فيها. منذ ذلك اليوم قررنا تأسيس الشركة معًا.
واجهتنا تحديات عديدة مثل ايجاد التمويل المناسب، عدم وجود تشريعات للطب التواصلي، وكسر حاجر الخوف لدى الناس لأنهم لم يألفوا هذا النوع من التواصل مع الأطباء والأهم من ذلك البدء برمجة التطبيق وخوض التحديات التقنية في ذلك. استجمعنا ما بيدنا من تمويل من أهل وأصدقاء لبدء الشركة وقمت بتأسيسها مع شريكي محمد الذي أقدم على الاستقالة من عمله والبدء في برمجة التطبيق والعمل من منزله لمدة سنة ونصف بسبب عدم وجود تمويل كافي لاستئجار مكتب.
يقول محمد ذكر الله “قمت بالاستقالة من عملي كمدير برمجيات والمخاطرة بمسيرتي المهنية لبدء شيء غير واضح وعالي مخاطر في مقابل الكثير من العروض والمناصب الوظيفية المتاحة أمامي. ولكن كانت فكرة المشاركة في تأسيس شركة ناشئة لي حلم يزاولني منذ عدة سنوات بالإضافة إلى ايماني الشديد بمقولة nothing worth having comes easy وبأن المخاطرة المحسوبة عنصر مهم وضروري للبحث عن النجاح. قمت بالعمل من منزلي لمدة سنة ونصف بسبب عدم وجود تمويل كافي لاستئجار مكتب وكانت تلك الأيام من أصعب ولكن أجمل ايام حياتي والتي صقلت شخصيتي بشكل كبير”
في أكتوبر 2016 كانت انطلاقتنا الرسمية في كيورا بعد حصولنا على أول تمويل رسمي وقد كانت أول مرة استطعنا أن ندفع للأطباء المشاركين معنا مقابل خدماتهم. بعد إطلاق التطبيق والحصول على اهتمام عالي، بحثنا عن المؤسسات والمنظمات التي يمكنها دعمنا وكانت مسرعة الأعمال الناشئة تسعة أعشار وكاوست أهم من دعموا مشروعنا بشكل كبير بالتوجيه والتدريب والارشاد.
اليوم كيورا هو أول تطبيق في الشرق الأوسط يوصل المريض باستشاري متخصص وباستطاعته المستخدم محادثته بالفيديو المباشر من المنزل وبدون مواعيد ويرسل صور الأشعات والتحاليل بكل خصوصية وامان. بحمد الله تجاوزنا كثير من العقبات ولا يزال أمامنا الكثير ولكن استطعنا خلال سنة ونصف من التأسيس أن نخدم 100 ألف مستخدم وكسبنا جوائز محلية وإقليمية مثل عرب نت الرياض وستيب كونفرانس دبي وجائزة سمو الشيخ الصباح للمعلوماتية في الكويت. بالإضافة إلى ضمنا لقائمة فوربس أفضل 50 شركة ناشئة في المملكة العربية السعودية. كما أننا الآن في خوض انهاء جولة استثمارية أولى Series A round لتطوير الخدمة والمنتج والفتح في أسواق جديدة.